منتديات القمر الوحيد

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكراً
ادارة المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات القمر الوحيد

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكراً
ادارة المنتدى

منتديات القمر الوحيد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    الحُلم

    الـحـزيـن
    الـحـزيـن
    المدير
    المدير


    ذكر
    عدد الرسائل : 1373
    العمر : 39
    الموقع : منتديات القمر الوحيد
    مزاجي : الحُلم Pi-ca-11
    المهنة : الحُلم Player10
    الهواية : الحُلم Sports10
    أعلام البلدان : الحُلم Male_s10
    الوسام : الحُلم Etqan
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 61908
    تاريخ التسجيل : 07/10/2007

    الحُلم Empty الحُلم

    مُساهمة من طرف الـحـزيـن الخميس أغسطس 05, 2010 9:05 am

    لا يهمني كيف تصنع خلايا الدماغ أحلامنا، إلاّ أنني انشغلت كلياً في الحلم الذي أفقت منه هذا الصباح، وعزمت على الاحتفاظ بالتفاصيل إلى بقية النهار. أردت لعذوبة الحلم أن تغطي يوماً كاملاً من حياتي.
    كان علينا أن نفترق مؤقتاً، ثم نلتقي على العشاء، فأصبحت عاجزاً عن تدوين أرقام تلفوني على ورقة صغيرة في اليد التي أسندتها على صدرها لأتمكن من الكتابة، بينما يتعثر القلم في اليد الأخرى، تهرب الأرقام من رأسي، أرقامي التي أعرفها جيداً تطيش من الذاكرة، والرجل الذي ظهر فجأة معنا كان حريصاً على عودتي وسعيداً بها، فلم يعكر عذوبة تلك اللحظات سوى إطار شفاف من القلق مبعثه تمرد الأرقام.
    وجهها خليط من سمات جميلة وعادية ثم أقل وضوحاً من ذلك، وهي متوسطة الطول، ممتلئة قليلاً، استجابتها السريعة للوله الذي بان في عيوني جعلت كل ابتسامة منها ساحرة، مثيرة، محملة بالعاطفة الدافئة، وخاصة بي وحدي.
    من شاطئ قريب غرفت لها الماء بإناء من الفخار، كبير ومزخرف، وشعرت سعادة عميقة تنتشر وتتمدد حتى نهايات أطرافي وأنا أنظر إليها من بعيد، تلملم أذيال ثوبها الأسود الشفاف حول قدميها العاريتين.
    يفيض قلبي بالسعادة كلما ازداد الشعور بأن أقداراً غامضة جعلت تلك المرأة من نصيبي. سمراء، ملفوحة بنسائم رقيقة من الصحراء، لم تعد بقية ملامح وجهها ثابتة، لكن الليل قدم لوعيّ الغافي واحدة من أجمل ثمار الأوهام.
    الرجل الثالث الذي ظهر كان محايداً، المهمة التي قادته إلينا غير واضحة، وسط كل هذا بقيتْ النظرات فيما بيني وبينها تشعل أضواءها الدافئة، مشحونة بمعانٍ وتفسيرات خاصة بجوارحنا ولهفتنا وتفاهمنا الخفي.
    كان عليّ الإسراع، وقد تأخرت طوال فترة الصباح، من أجل بلوغ الدائرة قبل انصراف المدراء، للحصول من جديد على الوظيفة التي فقدتها مدة سنتين جعلتني في حاجة مدقعة، إلاّ أن ذهابهم، المرأة والرجلان، من غير الاتفاق على وسيلة للاتصال يعني فقدانها إلى الأبد، بينما الأرقام تزوغ مني، تغيب وتحتمي بالعدم.
    أعرف الوهم الذي اكتنف نومي، بَيدَ أن العذوبة التي خلفها ما زالت تنبض بالحياة، مثل، بل أقوى من الحقائق المحيطة بي، وما برح قلبي يخفق بلذة تهويمات الليل، رغم أن ملامح المرأة بدأت تتلاشى من الذاكرة، ولم أعد أذكر من الابتسامة غير طيف مشوش، غيبتهما حركتي البطيئة، المخدرة، لأعداد فنجان قهوة.
    منذ ضربة الحلم الأولى، لم يكن للرجل أي وجه، أية سمات، كان موجوداً فحسب، إلى أن ظهر الثاني، وجوداً آخر بلا علامات، شبحان بعيدان أسمران، يتحركان على هامش الوعي الغارق في مصدر العذوبة، بينما الحرير الأسود فوق الجسد المتكئ على مرفقه بين الحشائش قد كلّل الأحاسيس ببقعة جميلة من الأمل. إنهما الآن، في اللحظة التي بدأت فيها ارتداء ملابسي، يغيبان في النسيان ومن دون رجعة، وتبقى أشلاء مبعثرة من صورتها.
    حين أعادت زوجتي سرد حاجات البيت المطلوب شراؤها في العودة، هزّت جانباً كبيراً من تفاصيل الليل المتبقية في رأسي، ووجدت صعوبة مريرة في استرجاع هيئة المرأة وشكل ابتسامتها عندما كنت أستعين بصدرها لأكتب الأرقام. ثم بدأ تيار خفيف من الحزن يطرد الأجواء اللذيذة التي كانت تخدّر حواسي.
    لم أحدّث زوجتي عن الحلم، مَنْ من الرجال يكشف مسرات نومه إلى شريكته في الفراش! كذلك لم أظهر انزعاجي من مقاطعتها استغراقي مع عطاءات الفجر العذبة.
    كان انتظار الباص فرصة ثمينة لإعادة تشكيل ألوان وظلال الحلم، غير أن التكوينات الأساسية، الحركات والأضواء التي كانت مبعث البهجة، اختفت وراء ضباب ثقيل، وعمل القلق من التأخير على تدمير جزء كبير من صورة اللقاء، سحر النظرة الأولى على الخصوص، النظرة التي ألهبت بقية الأحداث والتفاصيل بشعاع من السعادة، بآمال تعجز الحياة عن شحنها بهذا الزخم الجميل، الذي جعلني أرفرف على ارتفاع مئتي متر عن الأرض.
    بدا أحد الزملاء في العمل حريصاً للغاية على موقعي الوظيفي وهو يكرر على مسامعي المديح الذي قدمه لمدير القسم عني. وقف يعيد أقواله بأشكال مختلفة، فيجرّني بقوة كريهة إلى الانتباه، والردّ، كلما ابتعدُ متشبثاً ببقايا أطياف ليلي.
    لم يعد سمار المرأة بتلك الإثارة، لأن بشرتها بهتتْ الآن، ولم أعد قادراً على إبقاء عينيها مفتوحتين لأسترجع الفرح بنظراتها، ولا الإمساك بحقيقة الشيء الذي غرفت فيه الماء لتشرب، الشيء الوحيد الذي ظلّ يبرز ويختفي من الذاكرة التي أنهكها الزميل بالثرثرة، هو بقعة سوداء منتفخة تلملم جوانبها البدينة، مثل حيوان مائي يترجرج على رمل ساخن.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 7:43 pm